في مقابلة صحفية مع الدكتور مطهر عقيدة عميد كلية العلوم الإنسانية والادارية بالجامعه أجرتها الطالبة خديجة النعمي طالبة إعلام تخصص إذاعة وتلفزيون كتطبيق لمادة الكتابة لوسائل الإعلام الحديثة بإشراف الدكتور /عبده الأكوع
تشهد التخصصات الهندسية والطبية في الجامعات اليمنية إقبالا كبيرا من قبل الطلبة مقارنة بتراجع وعزوف عن الالتحاق بالكليات الإنسانية، على الرغم أن هذه العلوم هي الأساس والمدخل للعلوم الأخرى.
ويرى الدكتور مطهر عقيدة، عميد كلية العلوم الإنسانية والإدارية بجامعة المعرفة والعلوم الحديثة الاهلية بصنعاء، في حديثه لـ"طالب يمني"، أن "ثمة عوامل تمنع الطلبة من الالتحاق بالتخصصات الإنسانية مقارنة بالكليات الأخرى لاسيما الهندسية والطبية في مقدمتها الصورة الذهنية للكليات الطبية والهندسية لدى أولياء الأمور والطلبة أنفسهم بأنه هناك مستقبل لمرتادي هذه التخصصات، وهذا المفهوم ليس سليماً والبرهان على ذلك أن هناك طلبة التحقوا بتخصصات بسيطة جداً ووضعوا بصمتهم المميزة بل وتمنى كُثير أن يُصبح يوماً ما مثلهم، وفي المقابل هناك طلبة التحقوا بتخصصات في كليات القمة كما تسمى ولم يُحدثوا أي فرق، و الأمر مرتبط بالرغبة والشغف بالتخصص الذي يطمح للالتحاق به الطالب، وليس شيءٌ آخر".
وأضاف : " الأمر مرتبط بالوعي لدى أولياء الأمور بأهمية التخصصات الانسانية بما فيها الإعلام، لاسيما وأنها تخصصات مطلوبة في سوق العمل ولابد من العمل على تصحيح الصورة الذهنية لديهم".
وتابع: "الموضوع ليس بالأمر السهل ويحتاج إلى وقت، ولابد من الاسشهاد بعرض نماذج شبابية وطلابية أبدعوا وتألقوا وهم خريجون من كليات العلوم الانسانية ولنضع على أنفسنا هذه التساؤلات:
أين كان هؤلاء وأين أصبحوا؟
وما الذي استطاعوا تحقيقه؟".
وحث الطلبة على "الابتعاد عن النظرة المجتمعية عند إختيار التخصص الجامعي وترك الأمر للنية والرغبة والشغف بالتخصص الذي يريدونه؛ حرصاً على أنفسهم و كي لا ينصدموا بجدار عدم الرغبة منذ البداية".
وخاطب الطلبة قائلا: "عليكم الإدراك أنكم أنتم من تصنعون التخصص الذي تريدون، وأنتم من ستُرون المجتمع روعة وجدارة تخصصاتكم".
وأكد أن "علينا الادراك أن الأدوار تكاملية بين أولياء الأمور والطلبة أيضاً".
وأرجع ضعف الاقبال على الكليات الإنسانية إلى "تأثير الحرب على اليمن والظروف الاقتصادية الناتجة عن ذلك والتي أدت لأن يعزف كثير من الطلبة عن الالتحاق بالجامعات وليس فقط تخصصات بعينها، إضافة إلى كثرة الجامعات اليمنية والذي أدى لوجود تنافس محموم فيما بينها، أيضاً قيام الجامعات الحكومية بفتح أبوابها في السنوات الأخيرة دون أي قيد أو سقف معين".
ونصح الطلبة بقوله: "إن كنتم تريدون أن تُبدعوا فلا تعتمدون على الجامعة التي تدرسون فيها كليا، إنما عليكم الاعتماد على التعلم والتدريب الذاتي، إبحثوا عن كل شيء، طبقوا كل شيء بأنفسكم وأخرجوا إبداعاتكم بأنفسكم، التحقوا بالمعاهد والدورات لتُبدعوا وتخرجوا الطاقات الكامنة بداخلكم، فأنت أيها الطالب الأساس، اعتمدوا على أنفسكم، فهناك نماذج أبدعوا وتميزوا في كثير من الأمور ولم يعتمدوا على الجامعات بل هم من طوروا من أنفسهم، عليكم أن تُدركوا أن الجامعات تقوم بدور محدود ولكن الجهد الأكبر يبقى عليكم أنتم كطلبة".
ونصح "الطلبة بعدم الإلتحاق بأي تخصص إلا وهم يريدون أن يبدعوا فيه و أن يكونوا أعضاء فاعلين في مجتمع منتج لأمتهم".
ودعا كافة الطلبة ليتوكلوا على الله في دراستهم ويعتمدوا عليه ويرجعوا اليه ويتعلموا بنوايا أنهم يريدون أن يتعلموا ليصبحوا مبدعين، ولا يجعلوا من تعليمهم لأجل الشهادة فقط، "فأنتم في الأخير ستأخذوها ولكن لن تستفيدوا إن لم تمتلكوا روحية الإبداع بداخلكم".
وقال إنه "يجب أن تختاروا التخصص بناء على رغبتكم به، اتعبوا على أنفسكم واحرصوا على التعلم الذاتي، تدربوا خارج الجامعة ولا تعتمدوا عليها في كل شيء، بل أعتمدوا على ذواتكم، وبالتأكيد ستبدعون وتنطلقون وستكونون شيئاً رائعاً في المستقبل وهذا ما أستطيع قوله لكل أبنائي الطلبة".
وبابتسامة عريضة، ختم الدكتور عقيدة، حديثه عن واحد من المواقف الطريفة التي رافقت مشواره الأكاديمي؛ فقال" بعد عودتي من القاهرة بدأت باداء المحاضرات الجامعية بإحدى الجامعات، فلم أجد غرفة استراحة خاصة بالأكاديميين، يجلسوا بها حتى بدء موعد محاضراتهم، وحينها ذهبت للقاعة مباشرة وجلست -عند ذاك كان رأسي ما يزال أسوداً ولم يخالطه البياض بعد-
وجلستُ أنتظر الطلبة الذين بدأوا بالتوافد واحداً تلو الآخر، وما إن وصلوا حتى بدأوا متذمرين من عدم حضور أستاذهم وسيتعبهم ولا يلتزم بمواعيده ولا فائدة تُرجى منه، وتصاعدت حدة الموقف حتى قرروا لأن يذهبوا يشتكوا به لرئيس الجامعة، وفي تلك اللحظات بدأت اسألهم عن سبب التذمر- وهم لم يكونوا يعلموا أنني أستاذهم- فقالوا أن الامر واضح منذ البداية، هذا الدكتور يتأخر واستمروا في انتقاداتهم وتركتهم يقولون ما يشأون وكأنني طالب مثلهم
وما إن اتوا حتى قمت إلى منصة القاعة والقيتُ التحية عليهم وأخبرتهم أنا أستاذكم، فانصعق الجميع وتمنوا لو تنشق الأرض وتبلعهم لا سيما من كان لهم طريقة انتقادات حادة، فقلت لهم سابقاً كنا نأتي وننتظر الأستاذ حتى يأتي، أما الان فالعكس ما يحصل، أنا أتيتُ باكراً وقبل أن تأتوا وكنت انتظر أن تأتوا لنبدأ المحاضرة لكي تعلموا أهمية الوقت".